تذكرة السامع والمتكلم فى ادب العالم والمتعلم

قرأه وَضَبَط نَصُهُ وَفَرعَ أَحَادِينَهُ وَعَلَّقَ عَلَيْهِ

طارِقُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بْن عَلى

مكرمة الْمُصنِّف رحمة الله

الحمد لله البَرِّ الرحيم، واسع العليم، ذي الفضل العظيم. وأفضل الصلاة وأتم السلطان على سيدنا محمد النبي الكريم، المنزل عليه في الذكر الحكيم : ﴿ وَإِنَّكَ لَعََلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم]، وعلى آله أصحابه الكرام جوارِه في دار النعيم. أما بعد:

فإن من أهم ما يُبادِرُ به اللبيبُ شَرحَ شبابه (۱)، ويسدِبُ (۲) نفسَه في تحصيله واكتسابه : حُسن الأدب ؛ الذي شهد الشرعي والعقل كامله، وتفقت الآراء وألسنة على شكر أهله.

وإنّ أحق الناس بهذه الخصلةِ الجميلة، وأولاهم باشتراكهم هذا الاشتراك الجليلة أهل العلم الذين حَلُّوا به ذوة المجد والسناء(3)، وأحرزوا به قَصاباتِ السبق (٤) إلى وراثة الأنبياء ؛ لِعِلْمهم بمكارم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه، وحُسن سيرة الأئمة الأطهار من أهل بيته ومساهميه، وبما كان عليه أئمة العلماء

تذكرة السامع والمُتَكَلِّم في أدب العالم والمتعلم السلف، واقتدى بهديهم فيه مشايخ الخلف.

قال ابنُ سيرين: «كانوا يتعلَّمون الهَدْيَ (١) كما يتعلَّمون العلم». وقال الحسن: إن كان الرجلُ لَيَخرُجُ في أدب نفسه السنتين ثم السنتين».

وقال سفيان بن عيينة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر، وتم توزيع الأشياء - على خُلُقه وسيرته وهديه - ؛ فما وافقها فهو الحق، وما يخالفها فهو الباطل». وقال حَبيب بن الشهيد لابنه: يا بني، اعشق الفقهاء والعلماء، وتعلَّمْ منهم، وخُذْ من أدبهم؛ ذلك أحبُّ إليَّ من كثير من الحديث». وقال نادي لابنه: «يا بني، لأن تتعلم بابا من الأدب أحب إلي إلي من أن تتعلم سبعين بابًا من أبواب العلم . وقال مَخْلَدُ بن الحسين لابن المبارك: «نحن إلى كثير من الأدب أحوجُ منا إلى كثير من الحديث. وقيل للشافعي : كيف شهوتك للأدب؟ فقال: أسمع بالحرف منه مما لم أسمعه، فتودُّ أعضائي أن لها سماعًا تتنعم به. ثانيا: وكيف له؟ قال: طلبِ المرأة المُضِلَّةِ ولدها ، وليس لها غيرُه .

ولما سافرت إلى هذا المختصر؛ مذكرًا للعالم ما جُعل إليه، ومنبهًا للطالب على ما يتطلبه، وما يشتركان فيه من

الأدب، ويجب أن يمنعه في صاحبة الكتب، ثم أدبِ من سكن المدارس - منتهيا (١) أو طالبًا - ؛ المساكن الجنائية طلب العلم في هذه الأزمنة غالبا. توحيدت ذلك مما اضطرب في المسموعات، أو سمعته من مشايخ السادات، أو مررت به في المطالعات أو استفدته في المذاكرات، وذكرته محذوف الأسانيد والأدلة؛ كيلا يطول على مُطالعه أو يَمَلّه.

وقد جمعه - بحمد الله - من تفاريق آداب هذه الأبواب ما لم أره مجموعا في كتاب، وقدَّمتُ على ذلك بابًا مختصرًا في فضل العلم والعلماء على وجه التبرُّكِ والاقتداء.

وقد ترتيبته على خَمْسة أبواب،مقصود الكتاب: الباب الأول: في فضل العلم وأهله، وشرف العالم ونبله. الباب الثاني: في آداب العالم فيه، وطلبته ودرسه. الباب الثالث: في آداب المتعلم في نفسه، ومع شيخه ورفقته و درسه. الباب الرابع: في صاحبة الكتب، وما يتعلق بها من الأدب. الباب الخامس: في آداب سكنى المدارس وما يتعلق به من النفائس. وقد سميته: «تذكرُ السَّمع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم». والله يوفّقُنا للعلمِ، وبعدنا من رضوانِه نهاية الأمل.