يعتقد المسلمون عمومًا أن القرآن الكريم محفوظٌ سليمٌ نقيٌّ بحفظ الله تعالى. ولكن ما يغفله الكثيرون غالبًا هو أن هذا الحفظ يشمل بالضرورة سنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهي المثال العملي لتطبيق القرآن الكريم.
الحديث سُنّةٌ مُدوَّنة. إنَّ دراسةَ هذا الثراءِ الهائلِ من أدبِ الحديثِ التي تركها لنا المحدثونَ دراسةٌ واسعةٌ ومعقدةٌ للغاية. في هذا الكتاب، نلقي الضوءَ على كيفيةِ حفظِ اللهِ للسنةِ بتمكينِ الصحابةِ ومن بعدهم من حفظِ وتدوينِ ونقلِ أقوالِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم، ووصفِ منهجِه، بالإضافةِ إلى مواصلةِ نعمةِ العملِ به. لاحقًا، ومع تعرّض نقاء علم السنة للتهديد، أنار الله الأمة الإسلامية بأفرادٍ متميزين ذوي ذاكرةٍ فائقة وخبرةٍ تحليلية، جاهدوا بلا كللٍ في جمع مئات الآلاف من الأحاديث، وتمييز كلمات رسولهم (صلى الله عليه وسلم) الحقيقية من تلك التي أفسدتها ضعف الذاكرة، وتزويرات الكذابين عديمي الضمير، وأقوال عددٍ هائلٍ من العلماء والصحابة ومن سار على نهجهم، ممن علّموا في مختلف مراكز العلم، وساهموا في نقل إرث محمد (صلى الله عليه وسلم). كل ذلك تحقق من خلال عنايةٍ دقيقةٍ بالألفاظ المروية، واطلاعٍ مُفصّلٍ على سيرة آلافٍ من رواة الحديث. ولأن العمل هو خير سبيلٍ لحفظ التعاليم، فقد أحيى مجددو الإسلام أيضًا ممارسة السنة الصحيحة المباركة.