للامام الشوكاني
قرأه وضبطة وعلق عليه طارق عبد الواحد علي
جزء من المقدمة
أَدَبُ الطلب ومنتهى الأرب
وبعد الانتهاء من هذا الفصل أشار تحملته إلى أهم الأسباب الماحقة لبركة العلم والانتفاع به، وقد رأى رحم الله أن أهمها سببان:
الأول: انتشار المذاهب والأقوال التي لا تعتمد على دليل شرعي، بل قد تخالف الأدلة الشرعية تمامًا؛ أو تتعلق منها بطرف ضعيف.
الثاني: تقديس الأموات واعتقاد العصمة بهم.
هذه هي الخطوط العامة لهذا الكتاب النفيس، وقد تضمَّنَتْ في ثناياها
من المباحث والتنبيهات والفوائد النفيسة ما هو جدير بالمدارسة والتأمل. ولكن هناك أمر عام يلحظه المتعايش مع الكتاب في جميع الكتاب في جميع أبحاثه، وهو تلك المرارة والألم الذي يعتصرُ المصنّفَ نحمد لله من جراء فسادِ الأحوال وانقلاب الموازين التي لاحظها في بلاده ،وغيرها، وهكذا ينبغي أن يكون العالم المخلص لدينه وأمَّته؛ لابد أن يُحزنه الواقع المر، ويؤلِمَه التفلَّتُ من أوامر الشريعة المطهرة ، وفشو الفتن بين أتباع خير أمة أخرجت للناس، وهذا من دلائل الصدق والإخلاص - كما هو الظن بالإمام رحم الله ؛ نحسبه ولا نزكيه على العليم بالخبايا . ولذلك أحسَبُ - والله أعلى وأعلم - أن هذا الكتاب لقي من القبول والمحبة لدى أهل العلم ما لم يَلقَه كثير من الكتب الأخرى، ويكفيك أنك تشعر فيه بالحياة والنبض وكأنك تسمعه من كاتبه الجليل - جزاه الله عن أمته خير الجزاء وأوفاه . . .
عملي في الكتاب :
يتلخص عملي المتواضعُ في هذا الكتاب النفيس في النقاط التالية:
1- قراءة الكتاب - غير مرة - قراءةً متأنية؛ لمعرفة الخطوط الرئيسة التي يدور عليها موضوعه، والتي أوضحتها قريبًا.
2- ضبطتُ النصَّ بالشكل ضبطا معتدلاً؛ ليعين القارئ الكريم على الاسترسال فيه دون التعثر في فهم كلمةٍ قد يختلفُ ضبطها لو أُهملت ..
3- بيان المعاني الغامضة للمفرداتِ والجُمل؛ توفيرا لوقت القارئ الفاضل عن الرجوع للمعاجم.
4ـ التعليق على أهم المواضع التي احتاجت إلى ذلك؛ وقد حاولت أن تكون تعليقاتي مفيدةً ومختلفة عن التعليقات التي وردت في المطبوعات الأخرى التي وقفتُ عليها، وكلُّ ذلك من منّةِ الكريم المنان.
5- خرَّجتُ الأحاديث النبوية تخريجًا وَسَطًا مع الاهتمام الشديد بذكر درجة الحديث؛ تبعًا لما نصَّ عليه أئمة هذا العلم الشريف قديمًا وحديثًا.
6- صنعت فهارس يسيرةً يحتاجُ إليها القارئ الكريم في الكشف عن فوائد هذا الكتاب القيم، وتركتُ الفهارس التي لم أجد كبير نفع في إثباتها، كفهارس الآيات والأعلام والأماكن ونحو ذلك.
7- اهتممت - بشدة - بالتدقيق في ألفاظ الكتاب وتصفيته من التحريفات والتصحيفات - قدر طاقتي - ، ولا أنكر أني استفدت - قليلا - من المطبوعات السابقة في هذا، وقد كنت - في بداية العمل - تتبعتُ الأخطاء والتحريفات الظاهرة - التي وجدتُها في تلك المطبوعات، وأثبتها في الحواشي، ثم بدا لي ألا أستمرَّ في هذا ، وأنه أفضل لي - على الأقل - أن أهتم بعملي فحسب )
8- قسمتُ الكتاب إلى فصول خمسة تقرّب أبحاثه لإخواني.
۹ - وضعتُ عناوين جانبيةٌ تنبئ عما تحتها من مضامين
10- أحيانًا قليلة أضع كلمةً بين معكوفتين [ ] أُتمم بها معنى الجملة.
11- وضعتُ ترجمةً مختصرة للإمام الشوكاني نعم الله.
12 ـ كتبتُ مقدمةً قصيرةً بينتُ فيها مضمونَ هذا الكتاب القيم وعملي فيه، وهو ما مرَّ في الصفحات السالفة.
فأرجو - بذلك - أن أكون قدَّمتُ جديدًا مفيدًا في هذه الطبعة لأخواني وسادتي الأحباب من أهل العلم، وصدري منشرح لكل نقد بناء حول أي خلل أو سَهوِ نَدَّ منّي أثناء العمل، فلا زال المؤمنون يتناصحون، وطوبى لمن نصح بإخلاص، وكذا لمن قبل النصح ولم يركب رأسه عند التحقق من عمله؛ فإننا جميعًا عرضة للنقص ، ولا أظنُّ عاقلا يدعي لنفسه في الخطأ العصمة والكمال، والله المستعان.
وختامًا فأسأله تبارك وتعالى أن يتقبَّل منّي هذا العمل القليل، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يغفر لي به عن زلاتي وبلاياي، إنه أرحم بي من
العالمين.
وصلَّى الله وسلم وبارك على الحبيب محمد، وعلى آله وصحبه ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
اسم المؤلف: الامام الجليل محمد بن علي الشوكاني
تحقيق: طارق بن عبدالواحد بن علي
دار النشر: دار ابن الجوزي
مقاس الكتاب: 17*24
عدد الصفحات: 296